الأخبار العاجلة
  • السبت, 18 مايو 2024
أخبار السياسة و الطاقة
  • رئيس مجلس الإدارة و التحرير
    خالد حسين البيومى
الحكمه من الصيام
الاثنين 11 مارس 2024 05:10 م

الحكمة من الصيام (سلسلة نجاتيات)


بقلم نجاة تقني ©

اِقترب شهر رمضان، شهر الصيام والعبادة والتقرب إلى الله تعالى. لكن جرت العادة أن يفكر الإنسان في معدته، وينسى روحه! فالناس يعتقدون أن كثرة الطعام ستخفف الجوع  وأن الجسم قد لا يتحمل عدم الأكل والشرب ساعات من اليوم. معظمهم لم يفهم بعد العبرة من الصيام.

فالحكمة من الصيام أن يمتنع الصائم عن المحرمات وعن الحلال الذي تدعو إليه شهوة إنسان عزيز. والصيام هو علاج للجسد والروح معا.  وهو وسيلة لتحقيق التقوى والتقرب من خالق الكون ومساعدة المحتاجين وصلة الرحم.

أما بعد، فهذا هو الصيام الذي يزورنا مرة في السنة، من يعرف قيمته يجني الكثير من الحسنات، ومن لا يفهم مغزاه يفقد الكثير في الدنيا والآخرة.

 

أهديكم قرائي الأعزاء هذه القصة القصيرة، راجية من العلي القدير أن تروق لكم وأن يصلكم المغزى من الحكاية:

 

أغلق دكانه، ثم وضع في جيبه الأيمن لائحة المشتريات التي كتبتها زوجته.

نظر إلى شاشة هاتفه التي أعلنت عن الساعة السابعة مساء في يوم 10 مارس 2024 الموافق  لِ 29 شعبان 1445. بلع ريقه محاولا استشاق هواء نقي، لكن رائحة القمامة في الشارع منعته من ذلك!

ركب دراجته متجها نحو سوق الحي. ركنها في المكان المخصص للدراجات، ثم تابع السير على الأقدام. كان السوق مكتظا بالزبائن، منهم من يشتري الكثير وكأن السوق سيُغلق غدا ! ومنهم من يسأل هذا البائع وذاك وذاك عن ثمن نفس البضاعة، ثم ينصرف ووجهه منكمش وغاضب لأن محفظة جيبه لاتستطيع تلبية حاجيات أسرته!

طاف آدم في السوق كله، فعلم أن هذه السنة شبيهة بالسنوات الماضية، وأن التجار لبسوا عباءة "التجارة شطارة وعدم تحقيق الربح خسارة" غير مبالين بعدم قدرة الساكنة على دفع ثمن البضاعة!

بحث عن لائحة المشتريات،  فلم يجدها! ثم قرر أن يشتري ما تتحمله محفظة جيبه. ركب دراجته واضعا مشترياته في الحقيبة ثم أسرع راجعا إلى منزله وأصوات السوق الصاخبة لم تفارق مسامع أذنيه.

فتح باب بيته بصعوبة، وكان المفتاح مصابا بالصدإ.. همس لنفسه : "يجب أن أضع القليل من الزيت فوق المفتاح! فللصدإ علاج، لكن أين أجد علاج قلة حيلتي وفقري؟!".

وجد ليلى تستمع إلى القرآن في خشوع.
قال في بحسرة:

" رمضان قدم فتضاعفت الأسعار!" أجابت مبتسمة محاولة التخفيف عن كربه:

" رمضان بريء مما يفعلون."

رد عليها بصوت مبحوح:

" الغريب أن الناس تشتري ولا تحرك ساكنا!"

قالت:

" نرجو أن يكون الغد أحسن من اليوم، وما بعد الغد أحسن من الغد."

أحس بالطمأنينة وراحة البال، لأن الله رزقه الزوجة الصالحة. فتابع قائلا:

"اللهم لا تحملنا ما لا طاقة لنا به، وساعدنا على تحمل غلاء شهر رمضان."

سألته مستغربة:

" آدم، لم تشتر اللحم والدجاج و.."

فتح الثلاجة وقاطعها قائلا:

" استعملي ما لديك في الثلاجة أولا.. سأشتري الباقي الأسبوع القادم."

" لكني أفضل طهي اللحوم الطرية في رمضان."

" أمرك غريب يا امرأة، تطلبين شراء الكثير من اللحم والدجاج، ثم تخزنينه في البراد، ولا تستعملينه، وترغبين في شراء المزيد!"

"لست بخيلا، لكني لا أحب التبذير! فالكثير من الناس في فلسطين وبلدان أخرى يعانون من المجاعة وقلة الأكل. احمدي الله أننا نستطيع شراء قوتنا!"

نظر إلى صحون الحلويات الموضوعة فوق طاولة مستديرة صغيرة، ثم أضاف متسائلا:

"صنعت الشباكية وسلو والمقروط والكعك الوجدي*؟"

" نعم، هذه الحلويات من أولويات رمضان."

"أرسلي جزءا منها إلى أمك وأمي، فأنا لا آكل الحلويات يا ليلى."

"حاضر، لكن أنت تحرم نفسك مما لذ وطاب!"

"بعد سن الأربعين يجب ألا نأكل الكثير من السكريات.. كما أن رمضان شهر العبادة والتقرب إلى الله تعالى."

" لجسدك عليك حق، كُلْ ما طاب ولذ في الليل، وامتنع عن الأكل والشرب في النهار."

"الصيام ليس هو الامتناع عن الأكل والشرب في النهار، والأكل بشراهة في الليل. الصيام هو الامتناع عن الشهوات والاقتراب من الله تعالى. يكفيني كوب قهوة بالحليب ووعاءً صغيرا من الحريرة المغربية مع بعض التمر والسمك."

* الشباكية وسلو والمقروط والكعك الوجدي هي حلويات مغربية.


اترك تعليقك

Top